Читать книгу: «السعي من أجل البطولة », страница 11

Шрифт:

الفصل الحادي والعشرون

هرول تور مع بقية الفتية باتجاه الدرب المؤدي إلى الغابات وهو يحمل بيده الرمح الذي سُلّم له من أجل الصيد. كان بجانبه ريس و أوكونور و إيلدين وما لا يقل عن خمسين آخرين من أعضاء الفيلق, وأمامهم كان هناك المئات من رجال الفضة على ظهور خيولهم وهم يحملون الدروع وبعض الرماح القصيرة, ولكن معظمهم كان يحمل الأقواس والأسهم على ظهورهم. وهم يحملون الدروع وبعض الرماح القصيرة, ولكن معظمهم كان يحمل الأقواس والأسهم على ظهورهم. كان الفتية يركضون بين الفرسان وكان معهم العشرات من المرافقين والحرس.

كان في المقدمة الملك ماكجيل وهو ينظر بفخرٍ أكثر من أيّ وقتٍ مضى, مع ابتسامة متحمسةٍ على وجهه. كان يحيط به أبناؤه كندريك و جاريث وتفاجأ تور لرؤية غودفري معهم أيضاً. كان يركض معهم العشرات من الخدم, بعضهم كان ينحني إلى الوراء قليلاً وينفخ في الأبواق الطويلة المصنعة من أنياب العاج, وبعضهم الآخر كان يجرً الكلاب التي تنبح بقوّة, وبعضهم كان يركض حول المجموعة لمواكبة الخيول. بينما كانت المجموعة الضخمة تتجه داخل الغابات الكبيرة, بدأوا بالتفرّق في جميع الاتجاهات, ولم يعرف تور إلى أين كانوا ذاهبين أو أيّ مجموعةٍ عليه أن يتبع.

كان إيريك يستقلّ حصانه بالقرب منهم وقرر تور والآخرون أن يقتفوا أثره ويتبعوه. ركض تور إلى جانب ريس.

"إلى أين نحن ذاهبون؟" سأل ريس وهو يتنفس بصعوبةٍ.

"عميقاً داخل الغابات, رجال الملك يريدون أن يسترجعوا أيام التسلية القديمة." أجابه ريس.

"لماذا بعض رجال الفضة يمتطون الخيول وبعضهم الآخر يسيرون على أقدامهم؟" سأل أوكونور ريس.

"أولئك الذين على ظهور الخيل يقومون بالصيد السهل كصيد الغزلان والطيور," ردّ ريس. "يقومون باستخدام أقواسهم. أما أولئك الذين يسيرون على أقدامهم فيستهدفون الحيوانات الأكثر خطورة, كالخنزير البري ذو الذيل الأصفر."

كان تور متحمساً ومتوتراً في نفس الوقت عند ذكر هذا الحيوان. لقد رأى أحدهم مرةً, لقد كان مخلوقاً سيئاً وخطيراً وكان من الشائع أنّه يقوم بتمزيق الرجل إلى نصفين.

"المحاربون القدماء يفضلون البقاء على ظهور الخيل والقيام بصيد الغزلان والطيور," أضاف إيريك وهو ينظر إليهم. "أما الفرسان الأصغر سنّاً فيفضلون الذهاب سيراً على الأقدام والقيام بمخاطرةٍ أكبر من ذلك, وبالطبع عليك أن تكون في الوضع الأفضل."

"وهذا هو السبب الذي يجعلنا نسمح لكم بالقيام بهذا الصيد أيها الفتية," صاح كولك وهو يركض قريباً منهم, "إنّه تدريبٌ بالنسبة لكم أيضاً, سيتوجب عليكم أن تكونوا على أقدامكم طوال فترة الصيد وأن تواكبوا الخيول. ونحن نمضي ستنقسمون إلى مجموعات صغيرة وكلَ مجموعةٍ ستتخذ طريقها الخاص وتصطاد الحيوانات الخاصة بها. سوف تجدون الحيوانات الأكثر شراسةً وستقومون بمحاربتها حتى الموت. هذه هي الصفات التي تجعلك جنديّاً حقيقاً: القدرة على التحمل وعدم الخوف وعدم التراجع عند رؤية خصمك مهما كان كبيراً أو مخيفاً. والآن لنذهب!" صاح كولك عالياً.

ركض تور بسرعةٍ أكبر كما فعل بقية الفتية حوله من أجل اللحاق بالخيول التي كانت تندفع بسرعةٍ داخل الغابات, لم يكن يعرف تور الطريق الذي يجب عليه اتباعها ولكنه أعتقد أنّه لو بقي بجانب ريس و أوكونور سوف يكون بخير.

"الأسهم, بسرعة!" صاح إيريك عالياً.

انطلق تور إلى العمل بسرعة, اتجه إلى جانب حصان إيريك, تناول سهماً من الجعبة التي على السرج وقام بتسلميه له. وضع إيريك السهم على القوس, أبطأ حركته قليلاً وقام بالتصويب بشكلٍ ثابتٍ على شيءٍ ما داخل الغابة.

"الكلاب!" صرخ إيريك.

أطلق أحد المرافقين واحداً من الكلاب التي كانت تنبح, والذي انطلق بسرعةٍ داخل الأدغال, في تلك اللحظة رفرف طائرٌ كبير بجناحيه وبدأ بالتحليق, وبينما فعل ذلك أطلق إيريك سهمه باتجاهه.

كانت تلك تسديدة رائعة أصابت الطائر مباشرةً في رقبته ثمّ سقط أرضاً, ميتاً. تفاجأ تور كيف استطاع إيريك أن يقوم برصد ذاك الطائر.

"الطائر!" صاح إيريك.

ركض تور وأمسك بالطائر الميت, كان دافئاً والدم ينزف من عنقه, ثمّ ركض عائداً إلى إيريك. قام تور بتعليق الطائر على سرج إيريك بينما أكمل مسيرته.

وفي جميع الأنحاء قام العديد من الفرسان بالشيء نفسه وهم على ظهور خيولهم, يحددّون أحد الطيور ثمّ يطلقون سهامهم عليهم ويركض مرافقيهم لجلب تلك الطيور. معظمهم استخدم الأسهم ولكنّ بعضهم استخدم الرماح أيضاً. سحب كندريك أحد الرماح الموضوعة على ظهره, حدّد أحد الأهداف وقذف الرمح باتجاه أحد الغزلان. كان إصابةً رائعة, أصابته مباشرةً في حلقه, ثمّ انخفض ووقع على الأرض أيضاً.

تفاجأ تور من وفرة الأهداف داخل هذه الغابة, ومن كمية الحيوانات التي سيعيدونها معهم إلى الديار. ستكون كافيةً لإطعام البلاط الملكي لعدة أيام.

" هل أتيت إلى الصيد من قبل؟" سأل تور ريس, وهو يحاول تجنب الاصطدام بخيول الفرسان بينما كان يركض. كان من الصعب الاستماع والتحدث, مع نباح الكلاب و أصوات الأبواق وصيحات الرجال والضحك وصرخات الانتصار, بينما كانوا يجلبون الحيوان تلو الحيوان.

كان هناك ابتسامةٌ كبيرة تعلو وجه تور وهو يقفز ويركض بين الأشجار.

"عدة مرات! ولكن لأنني ابن الملك لا يسمحون لنا بالقيام بالصيد حتى سنٍّ معينة. إنّه شيءٌ مثير, على الرغم من أنّه لا أحد يستطيع الخروج منه سالماً. تضرر أكثر من رجل وقتلوا أثناء قيامهم بمطاردة الخنازير."

كان ريس يلهث وهو يركض, وأكمل "ولكن عادةً ما أكون على ظهر الخيول, لم يسمح لي من قبل أبداً أن آتي سيراً على الأقدام مع الفيلق, لم يسمح لي باصطياد الخنازير من قبل, إنّها المرة الأولى بالنسبة لي."

تغيرت الغابة فجأةً, مع عشرات المسارات التي كانت تمتد أمامهم, بدأوا بالانقسام إلى مجموعات صغيرة متجهين إلى العشرات من الاتجاهات. صدر صوت بوقٍ مرة أخرى فبدأت المجموعات الكبيرة بالانقسام إلى مجموعاتٍ أصغر.

حاول تور أن يبقى على مقربةٍ من إيريك, وانضم ريس و أوكونور إليهم, واتجهوا جميعاً إلى مسارٍ منحنٍ ضيق, ينحدر بشكل حاد. استمروا بالركض وتور يمسك برمحه الضيق, ثمّ قفزوا من فوق خورٍ صغير. كانت مجموعتهم الصغيرة تتألف من إيريك وكندريك على الخيول, وتور وريس و أوكونور و إيلدين سيراً على الأقدام, مما يجعلهم ستة أشخاص. التفت تور إلى الخلف فرأى اثنان آخران من أعضاء الفيلق يركضون خلفهم متجهين إليهم, ثمّ قاموا بالانضمام إليهم. لقد كانا ضخما البنية وعريضا المنكبين مع شعرٍ مجعّدٍ رملي يتدلى على عيونهم, مع ابتسامتهما العريضة. كان يبدو أنهما أكبر من تور بسنتين تقريباً وأنهما توأمان متطابقان.

"أنا كونفال," قال أحدهم مخاطباً تور.

"وأنا كونفين."

"نحن أخوة," قال كونفال.

"وتوأم," أضاف كونفين.

"نأمل ألّا تمانعوا انضمامنا إليكم," قال كونفال لتور.

كان تور قد رآهما من قبل داخل الفيلق ولكنه لم يقابلهم لم يتعرّف عليهما. لقد كان سعيداً للقاء أعضاءٍ جدد وخصوصاً الأعضاء الذين كانوا وديدين معه.

"أنا سعيدٌ بذلك," قال تور.

"كلما كثرت الأيادي كان ذلك أفضل," أضاف ريس.

"أسمع بعض الخنازير في هذه الغابة الضخمة," قال كونفال وهو يصغي بانتباه.

"خنازير قاتلة," أضاف كونفين.

نظر تور إلى الرمحان الطويلان اللذان يحملاهما التوأمان, لقد كانا أطول من رمحه بثلاث مرات, وتعجب من ذلك. بينما لاحظ أنهما ينظران إلى رمحه القصير.

"هذه الرمح ليست طويلةً بما فيه الكفاية," قال كونفال.

"هذه الخنازير لها أنيابٌ كبيرة, أنت تحتاج إلى شيءٍ أطول." قال كونفين.

"خذ رمحي," قال إيلدين وهو يركض باتجاه تور.

"لا يمكنني أخذه, ماذا ستستخدم أنت؟" قال تور.

"لا تقلق سأكون بخير." قال إيلدين.

تأثر تور من كرمه وأذهله كيف أصبحت صداقتهما مختلفة الآن.

" خذ واحداً من رماحي," قال إيريك وهو يأمره بذلك.

نظر تور إلى الأعلى ورأى إيريك يقترب إلى جانبه, مشيراً إلى سرجه الذي كان يحتوي على رمحين طويلين.

اقترب تور وانتزع واحداً منهما من داخل السرج وهو ممتنٌ لذلك. كان هذا الرمح أثقل, والركض معه أصعب, ولكنه شعر مع هذا الرمح أنّه محميٌّ اكثر, كان يشعر أنّه بحاجةٍ إلى شيءٍ كهذا.

ركضوا وركضوا حتى أصبح بالكاد يمكنه التنفس ولا يعرف إذا كان بإمكانه الذهاب أبعد من ذلك. لقد كان في حالة تأهب ويبحث عن أيّ علامةٍ تشير إلى حيوانٍ ما. لقد كان يشعر أنّه محميٌّ مع هؤلاء الرجال الذين يحيطون به وأنّه لا يقهر مع هذا الرمح الطويل الذي كان بحوزته. ومع ذلك كان لا يزال يشعر ببعض الرعب لأنّه لم يقم باصطياد الخنازير من قبل ولم يكن لديه فكرةً عمّا يمكن توقعه. دخلوا بعد ذلك في مكان خالٍ من الأشجار داخل الغابة والشكر لله سحب إيريك وكندريك لجام خيلهما من أجل التوقف. افترض تور أن ذلك يمنحهم جميعاً إذناً للتوقف أيضاً. توقفوا جميعاً هناك, ثمانيتهم في المكان المفتوح من الغابة والفتية الذين يسيرون على الأقدام يلهثون بشدّة, بينما ترجّل إيريك وكندريك من على خيلهما. كانت الخيول تلهث أيضاً, ولكن ما عدا ذلك كان كل شيءٍ صامتاً ما عدا صوت الرياح بين الأشجار. ذهب الآن ضجيج المئات من الرجال الآخرين الذين يركضون داخل الغابة, وأدرك تور عندها أنّهم أصبحوا بعيدين جداً.

نظر تور في المكان حوله وهو يلهث قائلاً لريس, "أنا لم أرى أيّ علاماتٍ تدل على أيّ من الحيوانات, هل رأيت شيئاً؟"

هزّ ريس برأسه نافياً ذلك.

"الخنزير البري حيوانٌ ماكر," قال إيريك وهو يخطو إلى الأمام. "إنّه لا يظهر نفسه دائماً, في بعض الأحيان من الممكن أن يكون يراقبك من بعيد. من الممكن أن يكون يترقّب من أجل أن يأخذك على حين غرّة وينقض عليك. كن متيقظاً دائماً."

"انظر هناك!" صاح أوكونور.

كان تور ينظر في المكان ثمّ فجأةً انطلق حيوانٌ كبير داخل المكان الخالي الذي كانوا فيه, انتفض تور وهو يفكر بأنّهم يتعرضون لهجوم من قبل أحد الخنازير, صرخ أوكونور بينما كان ريس يلتفت ويلقي برمحه باتجاه ذاك الحيوان. لم يتكمن ريس من أصابته وطار الحيوان في الهواء, ثمّ أدرك تور أنّ ذلك لم يكن سوى ديكٍ روميّ اختفى مرةً أخرى بين الأشجار.

ضحكوا جميعاً كاسرين التوتر الذي كان سائداً. احمرّ وجه أوكونور خجلاً بينما وضع ريس يده على كتفه مطمئناً.

"لا تقلق يا صديقي."

نظر أوكونور حوله بحرج.

"لا توجد خنازيرٌ هنا," قال إيلدين. "لقد اخترنا مساراً سيئاً, الشيء الوحيد الموجود في هذا المسار هو الطيور, أعتقد أننا سنعود خاليي الوفاض."

"ربما ليس هذا شيئاً سيئاً," قال كونفال. "سمعت أنّ المعركة مع أحد الخنازير من الممكن أن تكون معركة حياةٍ أو موت."

بدأ كندريك بمسح الغابة المحيطة بهدوء, وفعل إيريك نفس الشيء. استطاع تور أن يرى على وجهيهما أنّ هناك شيئاً ما. شعر من خبرتهم الكبيرة وحكمتهم أنّه يجب عليه أن يكون على أهبّة الاستعداد.

"حسناً, أعتقد أن طريقنا يجب ان ينتهي هنا," قال ريس. "إذا مضينا ابعد من ذلك داخل الغابة سندخل في أماكن لن نتمكن بعدها من العودة."

"ولكن إذا عدنا سينتهي صيدنا هنا," قال أوكونور.

ما الذي سوف يحدث إذا رجعنا خاليي الوفاض؟ من دون أيّة خنازير؟" سأل تور.

"سوف نصبح أضحوكةً للآخرين," قال إيلدين.

" لا لن نكون كذلك, لا يتمكن الجميع من إيجاد الخنازير دائماً. ومن الشائع أن فرص عثورك على خنزير بري قليلة جداً ." قال ريس.

بينما وقفت المجموعة هناك في صمت وهم يتنفسون بصعوبة و يتأملون الغابة حولهم, ادرك تور فجأةً أنّه شرب الكثير من المياه. كان قد حبس بوله طوال فترة الصيد والآن أصبح يشعر ببعض الألم في مثانته ولم يعد يستطيع التحمل أكثر.

"اعذروني," قال تور وهو يبدأ باتخاذ طريقه إلى داخل الغابة.

"إلى أين أنت ذاهب," سأله إيريك باستغراب.

"أريد أن أريح نفسي فقط, سوف أعود بسرعة."

"لا تذهب بعيداً," قال إيريك محذّراً إيّاه.

أسرع تور إلى داخل الغابة بحذرٍ شديد و ابتعد ما يقارب عشرين خطوةً عن الآخرين, حتى وجد بقعةً لا يمكن لأحدٍ أن يراه فيها. حالما أنهى تور قضاء حاجته سمع صوتاً من قريب, كان صوت تكّسر بعض الأوراق والأغصان اليابسة, وقد علم تور أن صوت هذه الدعسات لا يمكن أن تكون بشرية.

التفت ببطء وتقدّم قليلاً إلى الأمام, ربما عشر خطواتٍ أخرى حتى وصل إلى مكانٍ صغيرٍ آخر خالٍ من الأشجار, وكان في وسطه صخرة صغيرة. و هناك عند أسفل الصخرة كان صوت الحركة. كان حيوانٌ صغير لم يتمكن من التعرّف عليه.

فكّر تور في نفسه, هل يعود أدراجه أم يتقدم أكثر ليتعرّف على ذاك الحيوان. وبدون تفكير تسلل قليلاً إلى الأمام. مهما كان الحيوان لم يكن تور يريد أن يخسره, وإذا عاد إليهم كي يخبرهم بذلك من الممكن أن يكون الحيوان قد ذهب إلى حين قدومهم. كان تور يقترب أكثر من الصخرة وكانت مسافة المناورة تقل أكثر. كانت الأشجار التي تفصله عن الغابة تكاد تنتهي وأشعة الشمس تنحدر من بين أوراق الأشجار. وأخيراً وصل تور إلى جانب الصخرة وبينما كان يقترب كان يمسك الرمح بقوةٍ أكثر, ثمَّ خفضه قليلاً إلى جانب وسطه. ذهل تور بما شاهده أمامه خلف الصخرة, داخل رقعةٍ من اشعة الشمس.

كان هناك شبل نمرٍ صغير يتلوى بين الأعشاب. كان يجلس هناك يتلوى و يصدر بعض الأصوات وهو يحدّق بأشعة الشمس بعينين نصف مغمضتين. كان يبدو كما لو أنّه ولد للتو, بالكاد يستطيع الوقوف على قدميه, كان صغيراً جداً بشكلٍ يستطيع تور أن يضعه داخل قميصه.

وقف تور هناك بدهشةٍ كبيرة. كان لون الشبل أبيضاً بالكامل وعلم تور أنّه شبلٌ من نمرٍ أبيض, من أندر أنواع الحيوانات.

استمع تور صوت حفيف بعض الأوراق من خلفه, التفت فرأى المجموعة بأكملها تسرع باتجاهه وفي مقدمتهم ريس, وهم ينظرون بقلق. وخلال لحظات وصلوا إلى جانبه.

"إلى أين ذهبت؟" لقد ظننا أنك لقيت حتفك." قال ريس لتور.

تقدموا جميعاً إلى جانبه ونظروا إلى الأسفل, كان الجميع في حالة صدمة عندما رأوا ذلك الشبل.

"هذا فألٌ حسن," قال إيريك مخاطباً تور. "لقد وجدت اكتشاف عمرك, أندر أنواع الحيوانات. وقد تركت وحدها أي ليس هناك أحدٌ يهتم بها, وهذا يعني أنها أصبحت لك. وأصبح من واجبك الاعتناء بها من الآن فصاعداً."

"لي؟" سأل تور وهو في حيرةٍ من أمره.

"أصبحت لزامك الآن, أنت وجدتها, أو يجب أن أقول هي من وجدتك." أضاف كندريك.

كان تور مندهشاً من ذلك. لقد كان يرعى الغنم من قبل ولكنه لم يكون مسؤولاً عن أيّ حيوانٍ آخر في حياته وليس لديه أيّة فكرةٍ عمّا يجب القيام به.

وفي نفس الوقت كان يشعر تور بصلةٍ قويّةٍ تربطه مع هذا الحيوان. لقد كان يفتح عينيه الزرقاوان الصغيران ويحدق في وجهه فقط.

اقترب منه تور والتقطه بين ذراعيه, رفعه عالياً وهو يمسح على وجهه.

"كيف يمكنني أن اقوم برعاية هذا الشبل؟" سأل تور بارتباك.

"أعتقد أنّه عليك القيام بذلك بنفس الطريقة التي تهتم فيها بأيّ أحدٍ آخر," قال إيريك. "قم بتغذيته عندما يكون جائعاً.

"يجب عليك تسميتها," قال كندريك.

فكر تور وهو في دهشةٍ, هذه المرة الثانية التي توجب عليه فيها أن يقوم بتسمية أحد الحيوانات خلال يومين. فجأةً تذكر تور أحدى القصص من طفولته, حول أسدٍ كان يقوم بترويع القرية.

"كروهن," قال تور.

أومأ الآخرين رؤوسهم بالموافقة على ذلك.

"مثل الأسطورة," قال ريس.

"أنا أحب ذلك," أضاف أوكونور.

"ليكن كروهن," قال إيريك.

بينما كان كروهن يخفض رأسه ويضعه على صدر تور, شعر تور باتصالٍ قويٍّ بينهما, كان أقوى من أيّ شيءٍ آخر. فجأةً جاء صوت آخر, شعر تور ببعض الرعب ونظر بسرعةً إلى الأعلى محدقاً بمصدر الصوت في السماء.

هناك عالياً كان إيستوفيليس الذي بدء ينخفض بسرعةٍ كبيرةٍ إلى الأسفل باتجاه تور مباشرةً, وهو يصرخ كعادته, قبل أن يرتفع في اللحظة الأخيرة.

في البداية تساءل تور إذا كان ذلك لأنّه يغار من كروهن. ولكن بعد ذلك وخلال أجزاءٍ من الثانية أدرك تور أنّ الصقر كان يحذره.

بعد ثانية واحدة جاء ضجيج كبير من الجانب الآخر من الغابة, كان صوت ركضٍ متبوعاً بهجومٍ سريع, حدث كل ذلك بسرعة البرق.

وبسبب التحذير الذي أعطاه إيستوفيليس إلى تور, استطاع تور أن يرى الخنزير البري الضخم وهو يتجه إليه مباشرةً واستطاع القفز من طريقه خلال أجزاءٍ من الثانية, لقد استطاع تجنبه بقيد شعرة.

دخل المكان في حالة فوضى, اتجه الخنزير وهو يركض بشراسة إلى الآخرين ويوجّه أنيابه في جميع الاتجاهات. وبينما كان يركض بسرعة استطاع أن يجرح ذراع أوكونور بواسطة أحد أنيابه, انفجر الدم من الجرح بينما كان أوكونور يمسك بيده ويصرخ عالياً.

كان الامر أشبه بالدخول في عراك مع ثور ولكن من دون الأسلحة المناسبة. حاول إيلدين توجيه ضربةٍ إليه بواسطة رمحه الطويل ولكن الخنزير البرّي أدار رأسه باتجاه الرمح ونطحه بقوة برأسه الهائل وبحركةٍ بسيطةٍ واحدة استطاع أن يكسره إلى نصفين. ثمّ توجه إلى إيلدين وركض نحوه بسرعةٍ موجهاً ضربةً قويّةً إلى أضلاعه ولكن لحسن حظه نجا بأعجوبةٍ من أن تغرس أنياب الخنزير البريّ في صدره.

كان هذا الخنزير لا يمكن إيقافه, كان معركةً حتى الموت ومن الواضح أنه لن يتركهم حتى يحصل ذلك.

احتشدوا جميعاً وبدأوا العمل بجد استلّ إيريك وكندريك سيفاهما كما فعل تور وريس والجميع ذلك.

قاموا جميعاً بتطويق الوحش ولكن كان من الصعب جداً إصابته ولا سيما مع أنيابه الطويلة جداً والتي تمنعهم من الاقتراب منه. كان يركض في دوائر ويطاردهم في جميع أرجاء المكان. بينما كانوا يتناوبون في مهاجمته استطاع إيريك أن يصيبه إصابةً مباشرةً حيث استطاع أن يجرحه في أحد جانبيه, ولكن يبدو أنّ هذا الخنزير مخلوقٌ من الحديد فهو لم يتأثر وبقي يركض بشراسة.

ولكن حصل شيءٌ ما غيّر كلَّ شيء. خلال لحظة وجيزة لفت شيءٌ ما انتباه تور داخل الغابة. في مسافةٍ ليست بالبعيدة, كان تور متأكداً بشدّة أنّه رأى شخصاً ما مختبأً وراء الأشجار وهو يرتدي قناعاً وعباءةً سوداء. لقد رآه يرفع قوساً وسهماً باتجاه المكان الذي كانوا فيه, ولكنه لا يستهدف الخنزير, لقد كان يوجهه قوسه باتجاههم.

تساءل تور هل من الممكن أن يكونوا يتعرضون لهجوم؟ هنا, في وسط الغابة؟ ومن قِبل من؟

سمح تور لغرائزه بأن تقوده إلى ما يجب فعله. أحس أن الآخرين كانوا في خطر ويجب عليه أن يهرع إليهم. رأى تور الرجل يستهدف كندريك بقوسه.

هرع تور إلى كندريك, و دفعه بقوةٍ كبيرة موقعاً إيّاه على الأرض, وفي نفس اللحظة عندما فعل ذلك جاء سهم باتجاهه ولكنه لم يصبه بأعجوبة.

نظر تور بسرعةٍ باتجاه الأشجار يبحث عن أيّ شيءٍ يدلّ على الفاعل, ولكنه كان قد ذهب.

لم يكن لديه وقتٌ للتفكير فالخنزير ما زال يركض في المكان بجنون على بعد أقدامٍ قليلة منهم. الآن التفت باتجاههم ولم يكن لدى تور وقتٌ لفعل أيّ شيء. استعد تور لاستقبال أنياب الخنزير الحادة والطويلة وهي تتجه إليه مباشرةً.

وخلال لحظة جاءت صرخةٌ عالية, لقد رأى تور إيريك وهو يقفز على ظهر الوحش ويرفع سيفه عالياً بكلتا يديه ويغرسها في الجزء الخلفي من رقبته. زمجر الوحش عالياً بينما كان الدم يتدفق من فمه, ثمّ خرّ على ركبتيه و وقع على الأرض وإيريك يجلس فوقه. توقف الخنزير على بعد أقدامٍ قليلةٍ فقط من تور.

وقف الجميع متجمداً في مكانه وهم يحدقون ببعضهم البعض ويتساءلون ما الذي حدث.

الفصل الثاني والعشرون

فتح ريس باب الحانة ,التي كانت غارقةً في الضوضاء, أمام تور الذي كان يحمل كروهن داخل قميصه. كانت قد اجتمعت في الداخل مجموعةً ضخمةٌ من أعضاء الفيلق والجنود المنتظرين الذين يصيحون ويصرخون. كان المكان مكتظاً جداً في الداخل وحارّاً, أقحم تور نفسه فوراً بجانب زملائه الذين كانوا يجلسون جنباً إلى جنب. لقد كان يوماً طويلاً من الصيد وكانوا قد اجتمعوا هنا كلّهم في هذه الحانة داخل الغابة من أجل الاحتفال. كان جنود الفضة يقودون الطريق إلى الحانة وكان البقية يتبعونهم.

خلف تور كان هناك التوأمان كونفال و كونفين وبحوزتهم الجائزة العظيمة, الخنزير البريّ الذي كان أكبر من أيّ شيءٍ آخر استطاع أحدّ منهم اصطياده, كانوا يحملونه بواسطة عصا طويلةً على أكتافهم. كان عليهم أن يضعوه بجانب باب الحانة قبل أن يدخلوا. ألقى تور نظرةً أخيرة عليه قبل أن يدخل, لقد كان يبدوا شرساً جداً ولم يكن يصدق تور كيف استطاعوا قتله.

شعر تور ببعض الحركة داخل قميصه, نظر إلى الأسفل ورأى رفيقه الجديد كروهن. بالكاد يمكن لتور تصديق أنّه يحمل شبل نمرٍ أبيض داخل قميصه. كان يحدق بتور بواسطة عينيه الزرقاء الصافية, لقد أحس تور أنّه كان جائعاً.

تقدم تور إلى داخل الحانة وهو يتزاحم بين عشرات الجنود ومضى عميقاً إلى مكانٍ صغيرٍ مزدحم, حيث كان الحرارة تقريباً أدفأ بعشرين درجة من الخارج, ناهيك عن أنها أكثر رطوبة. كان تور يتبع كلّاً من إيريك وكندريك وكان يتبعه ريس و إيلدين والتوأم و أوكونور الذي كانت ذراعه ملفوفةً بسبب الجرح الذي تسبب به الخنزير, ولكن لحسن الحظ توقف النزيف أخيراً. كان أوكونور يبدو مذهولاً أكثر من كونه متألماً وعادت معنوياته العالية. ووصلوا جميعاً إلى داخل الحانة عميقاً.

كانوا جميعاً موجودين كتفاً إلى كتف, كان المكان ضيقاً بحيث لم يكن هناك مكانٌ للالتفات حتى. وقد كان هناك الكثير من المقاعد الطويلة, وقف بعض الرجال بينما جلس آخرون, كانوا يغنون ويشربون ويضربون كؤوسهم بكؤوس أصدقائهم أو يضربونها على الطاولات. كان الجو احتفالياً وصاخباً جداً و لم يعش تور مثل هذا الجو من قبل أبداً.

"أول مرةٍ تأتي إلى حانة؟" سأل إيلدين وهو يصرخ عالياً محاولاً إسماع صوته لتور.

أومأ تور برأسه وهو يشعر بأنّه ساذجٌ مرة أخرى.

"أراهن بأنك لم تشرب أيّ قدحٍ من النبيذ أيضاً, هل فعلت؟" سأل كونفين وهو يربت على كتف تور بابتسامةٍ خفيفة.

"بالطبع فعلت," قال تور بقوةٍ مدافعاً عن نفسه.

احمر تور وهو يقول ذلك آملاً ألّا يطلب أحدٌ شيئاً من المشروبات, لأنه في الواقع لم يشرب النبيذ من قبل أبداً, بصرف النظر عن الرشفة الصغيرة التي شربها في حفل الزفاف. كان والده لا يسمح بإدخال النبيذ إلى البيت أبداً. وحتى لو فعل ذلك كان واثقاً أنّه لن يستطيع تحملها.

"هذا جيدٌ جداً!" ثمّ صرخ كونفال. "أيّها النادل, أعطنا جميعاً مشروباً من الأثقل لديك. لدينا هنا صديقنا تور الرائع!"

أخرج أحد التوأمين قطعة نقدية ذهبية ووضعها على الطاولة. تفاجأ تور من المال الذي يحمله هؤلاء الفتيان وتعجب من الأسرة التي ينحدرون منها. كانت هذه القطع لتكفي عائلته شهراً كاملاً في القرية.

وبعد دقيقةٍ واحدة بدأت العشرات من كؤوس البيرة ذات الرغوة تنزل على البار, دفع الفتية باقي الجنود و وصلوا إلى البار وبدأوا بحمل الكؤوس, وضع أحدهم كأساً كبيراً يقطر بالرغوة في يد تور, كان تور متوتراً والشراب يقطر على يده.

"من أجل صيدنا!" صاح ريس عالياً.

"من أجل صيدنا!" ردد الآخرون.

تبع تور الآخرين محاولاً أن يتصرف بشكل طبيعي وهو يرفع الكأس إلى شفتيه. أخذ رشفة منه وكره طعمه, ولكنه رأى الآخرين رفعوا كؤوسهم عالياً ولم يزيلوها حتى أنهوها كاملة. شعر تور أن عليه أن يفعل الشيء نفسه كي لا يبدو أحمقاً. أجبر نفسه على شرب الكأس محاولاً ابتلاعه بأسرع ما يستطيع حتى آخره, ولكن في منتصف الكأس أنزله تور بسرعة وهو يسعل.

نظر إليه الآخرون و ضحكوا عالياً. و ضربه إيلدين على ظهره.

"إنّه المرة الأولى بالنسبة لك, أليس كذلك؟" سأله إيلدين.

احمر وجه تور وهو يسمح الرغوة من على شفتيه. ولحسن الحظ قبل أن يتمكن من الرد جاءت صيحةٌ عاليةٌ في الحانة والتفت الجميع فرأوا العديد من الموسيقيين يشقّون طريقهم إلى الداخل. وبدأوا يعزفون على العود والمزمار والصنوج, وازداد الجوّ صخباً.

"أخي!" جاء صوت من خلف تور.

التفت تور إلى الخلف فرأى صبياً عريض المنكبين مع بطنٍ صغير وأكبر منه ببضع سنوات, كان ذو لحية ويبدو قذراً بعض الشيء, تقدم خطوةً إلى الأمام وحضن ريس في عناق قويّ. انضم إليه ثلاثةٌ من رفاقه الذين بدو قذرين أيضاً.

"لم أعتقد أبداً أنني من الممكن أن أجدك هنا," قال الفتى.

"حسناً, يجب عليّ دائماً أن أتبع خطوات أخي, أليس كذلك؟" صاح ريس بابتسامة كبيرة. "تور, هل تعرف أخي غودفري؟"

التفت غودفري وصافح تور, استطاع تور أن يلاحظ كم كانت يده ناعمةً وطريّة, بالتأكيد لم تكن يد محارب.

"أنا أعرف الوافد الجديد بالتأكيد," قال غودفري وهو يبتلع بعض كلامه و يقترب من تور. "المملكة بكاملها تتحدث عنه, سمعت أنّه محاربٌ جيّد," قال غودفري مخاطباً تور. "سيءٌ جداً أن تضيع موهبتك هنا في الحانات!"

انحنى غودفري إلى الخلف وضحك بصوتٍ عالٍ, ثمّ تبعه رفاقه الثلاثة أيضاً بذلك. اقترب أحدهم من تور ووضع يده على كتفه, لقد كان أطول من البقية مع بطنٍ كبير وخدود حمر مشرقة وكان منتشياً من الشرب.

"الشجاعة هي سمة جيدة. ولكنها ترسلك إلى ساحة المعركة, وتبقيك في البرد. ولكن أنا أفضّل أن أبقى في حالة سكر, فهذا يبقيك آمناً ودافئاً, ويضمن لك أن تبقى سيدةً لطيفةٌ بجانبك!"

ارتفع ضحكه عالياً كما فعل البقية, وأشار للنادل أن يحضر كؤوس شرابٍ للجميع. أمل تور ألّا يُطلب منه الشرب مرةً أخرى, لقد كان يشعر مسبقاً بأن الشراب وصل إلى رأسه.

"لقد كانت هذه المرة الأولى له في الصيد," صاح ريس مخاطباً شقيقه.

"حقاً!" أجابه غودفري. "حسناً أعتقد أن ذلك يستحق أن نشرب لأجله, أليس كذلك؟"

نظر تور إلى الأسفل فرأى الكأس الثاني يوضع في يده.

"من أجل الأولى!" صاح غودفري عالياً.

"من أجل الأولى!" ردد الآخرون خلفه.

"يمكن أن تكون حياتك مليئةً بالبدايات," صاح الرجل الطويل. "باستثناء المرة الأولى التي تصبح فيها صاحياً."

ضحك الجميع عالياً بينما بدأوا بالشرب.

ارتشف منه تور قليلاً ثمّ حاول أن يخفضه, ولكنّ غودفري قبض على الكأس.

"هذه ليست الطريقة التي يمكنك أن تشرب بها أيها الفتى!" صاح غودفري. ثمّ تقدم من تور وأمسك بقدحه ورفعه عالياً واضعاً إيّاه على شفاه تور, ضحك الجميع بينما كانت البيرة تتدفق في فم تور. قام بتثبيت الكأس على فم تور ولم يزله حتى أصبح فارغاً.

شعر تور بالدوار, وأحسّ أنّه بدأ يخرج عن نطاق السيطرة, ولم يستطع أن يركّز في شيء. لم يعجبه هذا الشعور.

أحس تور ببعض الحركة في قميصه بينما كان كروهن يطلّ برأسه إلى الخارج.

"حسناً, ماذا لدينا هنا!" صاح غودفري بفرحة.

"إنه شبل نمر," قال تور.

"وجدناه ونحن نقوم بالصيد," أضاف ريس.

"إنه جائع, ولا أعرف ما الذي يجب أن أطعمه." قال تور.

"ماذا؟ بالتأكيد بعض الشراب." صاح الرجل طويل القامة.

"حقاً؟ هل هذا صحيٌّ بالنسبة له؟" سأل تور.

"بالتأكيد!" صاح غودفري. "إنّه مجرد مشروب أيّها الصبي."

أنزل غودفري إصبعه في الكأس وأخرجها, ثمّ وضعها في فم كروهن, وأعاد ذلك عدة مرات.

"انظر, إنّه يحب ذلك!"

سحب غودفري إصبعه فجأة وهو يصرخ عالياً, رفعها قليلاً وكان الدم يقطر منها.

"لديه أسنان حادّة!" صاح عالياً بينما ضحك عليه الآخرون.

نظر تور إلى الأسفل وداعب رأس كروهن, بينما وضع في فمه بعض الشراب المتبقي في كأسه. التف كروهن على الكأس بكلتا يديه, بينما كان تور يفكر بكيفية إيجاد طعامٍ حقيقيّ من أجله. كان يأمل أن يسمح له كولك بإبقائه معه داخل الثكنة وألّا يعترض أحدٌ من أعضاء الفيلق على ذلك.

قام الموسيقيون بتغيير أغنيتهم بينما ظهر العديد من اصدقاء غودفري الذين انضموا إليهم, وشاركوهم في جولة شربٍ جديدة, ثمّ التفتوا مع غودفري كي يذهبوا إلى باقي الحشد الموجود.

"سوف أراك لاحقاً أيها الفتى," قال غودفري لتور قبل أن يغادر, ثمّ أضاف. "نأمل أنك ستقضي المزيد من الوقت هنا في الحانة!"

"نأمل أنك ستقضي المزيد من الوقت في أرض المعركة, "صاح كندريك عالياً.

"أنا أشك بذلك كثيراً!" قال غودفري وهو يضحك مع بقية زملائه الذين اختفوا بين بقية الرجال.

"هل يحتفلون دائماً بهذه الطريقة؟" سأل تور ريس.

"غودفري؟ إنّه يقضي وقته في الحانة منذ كان طفلاً, إنّه خيبة أملٍ لأبي. ولكنه سعيدٌ بنفسه."

"لا, أنا أقصد رجال الملك, الفيلق. هل دائماً يقومون برحلةٍ إلى الحانة؟"

أومأ ريس برأسه بالنفي.

"اليوم هو يومٌ خاص. أولاً من أجل الصيد وثانياً من أجل الانقلاب الصيفي. وهذا لا يحدث في كثيرٍ من الأحيان, استمتع بذلك طالما أنّه متوفر."

كان تور يشعر بالتشويش بشكلٍ متزايد وهو ينظر في جميع أنحاء الغرفة. لم يكن هذا المكان الذي أراد أن يكون فيه, أراد العودة إلى الثكنات والتدريب. انجرفت أفكاره مرةً اخرى إلى جويندولين.

"هل استطعت أن تنظر جيداً إليه؟" سأل كندريك وهو يقترب من تور.

نظر تور في وجهه وهو في حِيرةٍ من أمره.

"الرجل الذي كان في الغابة, الذي أطلق السهم عليّ؟" أضاف كندريك.

احتشد البقية حول تور يريدون أن يسمعوا الذي حصل.

حاول تور أن يتذكر ما حصل مرةً أخرى ولكنه لم يستطع, كان كلّ شيء غامضاً.

"أتمنى لو استطعت ذلك, حدث كل شيءٍ بسرعة." قال تور.

"ربما كان واحداً من رجال الملك الآخرين, وأطلق السهم باتجاهنا عن طريق الخطأ." قال أوكونور.

أومأ تور برأسه بالرفض.

"لم يكن يرتدي مثل الآخرين. لقد كان كل ما يرتديه أسوداً, العباءة والقناع. وقد أطلق سهماً واحداً فقط, باتجاه كندريك مباشرةً ثمّ اختفى. أنا آسف, أتمنى لو استطعت أن أرى أكثر من ذلك."

هز كندريك برأسه محاولاً التفكير بالأمر.

"من الممكن أن يكون يريد قتلك؟" سأل ريس كندريك.

"هل من الممكن أن يكون قاتلاً مأجوراً؟" سأل أوكونور.

"لا يوجد لدي أعداءٌ على حد علمي," قال كندريك متفاجئاً.

"ولكن الأب له العديد من الأعداء," قال ريس. "ربما يريد أحدهم قتلك كي ينتقم منه."

"أو ربما هناك شخصٌ يريد إخراجك عن الطريق إلى العرش," قال إيلدين.

"ولكن هذا سخيف, أنا ابنٌ غير شرعي ولا يمكنني أن أرث العرش!"

بينما كان الجميع مستغرقين في التفكير يحاولون اكتشاف الأمر وهم يحتسون البيرة, جاء صوتٌ من بعيد داخل الحانة, لفت انتباه جميع الرجال إلى الدرج المؤدي إلى الطابق العلوي. نظر تور إلى الأعلى ورأى مجموعة طويلةً من النساء يخرجون من الرواق العلوي, ويمشون بجانب درابزين السلالم وهم ينظرون إلى الرجال في الحانة. كان جميعهنّ يرتدين القليل جداً من الملابس ويضعون الكثير من المكياج.

احمرّ تور خجلاً.

"حسناً, مرحباً أيّها الرجال!" صاحت السيدة التي كانت في المقدمة, كانت صاحبة صدرٍ كبير وتضع بعض شرائط الدانتيل الحمراء.

ابتهج الرجال جميعاً.

"من لديه بعض المال ويريد إنفاقه الليلة؟"

فتح تور عينيه متفاجأً بالذي يحصل.

"هل هذا المكان ماخورٌ أيضاً؟" تساءل تور.

التفت الآخرون ونظروا إليه بصمتٍ قليلاً, ثم انفجروا بالضحك.

"يا الهي, أنت ساذجٌ جداً!" قال كونفال.

"أخبرني, ألم تذهب أبداً إلى ماخورٍ من قبل؟" قال إيلدين.

"أراهن أنك لم تحصل على امرأةٍ من قبل أبداً؟" قال إيلدين.

شعر تور بأنّ الجميع يحدّق في وجهه, وأحسّ أنّ وجهه تحول إلى اللون الأحمر كالبندورة. تمنى لو أن الأرض تنشق و تبلعه. لقد كانوا جميعاً على حق, لم يكن تور مع امرأةٍ من قبل أبداً. ولكنه لم يرد أن يخبرهم بذلك أبداً وتساءل إذا كان ذلك واضحاً على وجهه.

وقبل أن يتمكن من قول شيء, وقف أحد التوأمين و وضع يده على ظهر تور, و رمى قطعةً نقديّةً إلى المرأة التي تقف على السلالم.

"أعتقد أنّك حصلت على الزبون الأول!" صاح عالياً.

هلل الجميع في المكان وشعر تور بنفسه يندفع باتجاه السلالم على الرغم من أنّه كان يقاوم ويدفعهم, ولكن العشرات من الرجال كانوا يدفعونه بين الحشد باتجاه السلالم. بينما كان يتجه إلى هناك كان تفكيره بجوين فقط, كم كان يحبها وأنّه لا يريد أن يكون مع أحدٍ سواها.

أراد أن يستدير ويركض بعيداً, ولكن حرفياً لم يكن هناك أيّ مفرّ. العشرات من أضخم الرجال في المكان كانوا يدفعونه إلى الأمام ولا يسمحون له بالتراجع. وقبل أن يتمكن من فعل شيء, كان قد وصل إلى أسفل السلالم, ويحدق بامرأة أطول منه كانت تقف أمامه, كان ترتدي القليل من الملابس فقط وتضع الكثير من العطور وتبتسم في وجهه. ومما جعل الأمر أكثر سوءً أنه كان في حالة سكر. شعر تور أنّ الأمور تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة, وأنّه سينهار خلال دقائق.

اقتربت المرأة من تور وأمسكته من قميصه وهي تسحبه بقوّةٍ إلى إحدى الغرف وتغلق الباب خلفهما بقوّة. كان تور مصمماً على ألّا يقيم علاقةً معها, كان يشغل تفكيره كاملاً بجوين ويدفعها من أمامه. لم يكن تور يريد لتجربته الأولى أن تكون هكذا.

ولكنّ عقله لم يكن يصغي لذلك, لقد كان في حالة سكرٍ كامل وبالكاد يستطيع أن يرى أمامه. وآخر شيءٍ تذكره قبل أن يفقد وعيه, كان جرّه عبر الغرفة نحو سرير السيدة متمنياً أن يتمكن من فعلها قبل أن يقع على الأرض.

Возрастное ограничение:
16+
Дата выхода на Литрес:
10 октября 2019
Объем:
242 стр. 5 иллюстраций
ISBN:
9781632910967
Правообладатель:
Lukeman Literary Management Ltd
Формат скачивания:
epub, fb2, fb3, ios.epub, mobi, pdf, txt, zip

С этой книгой читают